ملخَّص محاضرة سماحة السيّد محيي الدّين المشعل
الليلة الخامسة من المحرَّم الحرام 1447 هـ
{ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن یَتَّخِذُ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَندَادࣰا یُحِبُّونَهُمۡ كَحُبِّ ٱللَّهِۖ وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَشَدُّ حُبࣰّا لِّلَّهِۗ وَلَوۡ یَرَى ٱلَّذِینَ ظَلَمُوۤا۟ إِذۡ یَرَوۡنَ ٱلۡعَذَابَ أَنَّ ٱلۡقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِیعࣰا وَأَنَّ ٱللَّهَ شَدِیدُ ٱلۡعَذَابِ }
[سُورَةُ البَقَرَةِ: ١٦٥]
افتتح سماحة السيد المحاضرة بالآية السابقة مُبيّنًا أنها تُقسّم الناس من جهة الحب وما يترتب عليه إلى قسمين، وقد بين مفهوم الحب عند الفلاسفة بأنه حالة من الانجذاب تَحصل من المحب إلى المحبوب، ويكون سبب هذا الانجذاب نقصٌ في المُحِب يكمله المحبوب، وقد وضَّح سماحة السيد مفهوم الحب بذكره لمثال الجائع والخبز، حيث أن الجائع ( المُحب ) يحب الخبز ( المحبوب )، ويكمن سر هذا الحب والانجذاب عند الجائع في النقص المتمثل في الجوع وتوفر ما يرفع هذا النقص عند المحبوب.
بيَّن سماحته بعد ذلك أن الحب الإلهي هو انجذاب من المحب إلى المحبوب وهو الله سبحانه وتعالى، حيث الكمال المطلق.
ذكر سماحة السيد بعد ذلك أن القسم الأول للناس هم من ضلُّوا عن الحب الحقيقي، وهم من عاشوا انحرافًا عن الحب الحقيقي فأحبوا أشياء يظنون أنها تسد الفراغ الذي يوجد عندهم، كمن انعكف على عبادة الأوثان واستبدل المحبوب الحقيقي وهو الله سبحانه وتعالى بأندادٍ له، وهذا هو المقصود من قوله تعالى: { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن یَتَّخِذُ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَندَادࣰا یُحِبُّونَهُمۡ كَحُبِّ ٱللَّهِۖ }
[سُورَةُ البَقَرَةِ: ١٦٥] ، أما القسم الثاني فهم من ينطبق عليهم قوله تعالى: {وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَشَدُّ حُبࣰّا لِّلَّهِۗ }
[سُورَةُ البَقَرَةِ: ١٦٥]
وقف سماحة السيد بعد ذلك عند مقاطع من دعاء الإمام الحسين عليه السلام في يوم عرفة، حيث وضَّح سماحته أن دعاء يوم عرفة اشتمل على مَطلَبَين أساسِيَّين:
١- مطلب المدعو
( إلهي! علمت باختلاف الآثار وتنقلات الأطوار أن مرادك مني أن تتعرف إلي في كل شىء حتى لا أجهلك في شىء ).
٢- مطلب الداعي
– ( اللهم إني أسألك حاجتي التي إن أعطيتنيها لم يضرني ما منعتني، وإن منعتنيها لم ينفعني ما أعطيتني )
– ( اللهم إني أسألك العتق من النار )
بعد ذلك توقف السيد عند حالة التوحيد الأفعالي في دعاء الإمام، فكأنما الداعي لا يرى غير الله دون التركيز على الوسيط الذي يسخره الله تعالى، وهذا ما نجده في عبارة ( إلهي دعوتك مريضًا فشفيتني) ( يا مقيض الركب ليوسف في البلد القفر ومخرجه من الجب وجاعله بعد العبودية ملكاا) وقد استشهد سماحة السيد بعدة شواهد من دعاء الإمام الحسين (ع) في يوم عرفة منها قول الإمام عليه السلام: ( أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتى يكون هو المظهر لك متى غبت حتى تحتاج إلى دليل يدل عليك!؟ ومتى بعدت حتى تكون الآثار هي التي توصل إليك عميت عين لا تراك عليها رقيبا، وخسرت صفقة عبد لم تجعل له من حبك نصيبا.) حيث يرى الإمام أننا نستدل على وجود الله تعالى بالمخلوقات على الرغم من أنها ليست أقوى في الظهور من الله تعالى لأنه نور السماوات والأرض.
اختتم سماحة السيد محاضرته بقول الإمام الحسين عليه السلام: ( إلهي! ترددي في الآثار يوجب بعد المزار فاجمعني بخدمة توصلني إليك ) مبينًا المنطلق الذي جعل الإمام ( ع ) يتحرك تَحَرُّك المشتاق حينما أخبره الرسول ( ص ) بأنه شاء الله أن يراك قتيلًا، ليقوم بهذه الخدمة التي توصله لله تعالى بأقرب الطرق وأسرع المسافات.