بدأ سماحة السيد محاضَرتَه بقوله تعالى : { إِنۡ أُرِیدُ إِلَّا ٱلۡإِصۡلَـٰحَ مَا ٱسۡتَطَعۡتُۚ وَمَا تَوۡفِیقِیۤ إِلَّا بِٱللَّهِۚ عَلَیۡهِ تَوَكَّلۡتُ وَإِلَیۡهِ أُنِیبُ } [سُورَةُ هُودٍ: ٨٨]، وبحديث عن الإمام الحسين (ع) يقول فيه: ( اللهم إنك تعلم أنه لم يكن ما كان منا تنافسًا في سلطان ، ولا التماسًا في فضول الحطام، لكن لنرد المعالم من دينك، ولنظهر الإصلاح في بلادك، وليأمن المظلومون من عبادك، وليُعمل بفرائضك وسننك وأحكامك)
ركَّزَتْ المُحاضرةُ على مِحوَرَين
المِحور الأوَّل كان وقفةً قرآنيةً حول نماذج الفساد في الزمن القديم وكيف حاول الأنبياء مواجهتها وإصلاحها، كما أُسقِطَتْ في هذا المحور أشكالُ الفسادِ التي مُورِسَتْ في زمن الأنبياء على الواقعِ المُعاصرِ، والتي أفضَتْ إلى أن الإنسان ما زال يعيش في حالة من الجاهلية، ولم يستفد من الموارد والثروات في تطوير سلوكه وفكره، كما ذُكِرَتْ نماذجُ عديدة من أشكال الفساد، منها نموذج النمرود، حينما قال: ( أنا أحيي وأميت )، حيث الفساد السياسي والإداري الذي يحتم على الناس عدم الخروج من هيمنتهِ وسيطرتهِ، وهذا ما نجده في زمننا من تظافر البلدان العظمى على محاربة أي بلدٍ حينما يقرر الخروج من فلكها، كذلك نموذج الفساد الأخلاقي الذي تفشى في زمن نبي الله لوط، والذي أشارت إليه الآية { وَلُوطًا إِذۡ قَالَ لِقَوۡمِهِۦۤ إِنَّكُمۡ لَتَأۡتُونَ ٱلۡفَـٰحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنۡ أَحَدࣲ مِّنَ ٱلۡعَـٰلَمِینَ } [سُورَةُ العَنكَبُوتِ: ٢٨]، هذا الفساد ذاته الذي يدعو إليه المفسدون في زمننا بعناوين مختلفة كالمثلية والنسوية وغيرها من المسميات.
أما المِحور الثاني فقد أجاب عن السؤال الآتي: لماذا مَثَّلَتْ كربلاء مدرسة الإصلاح الإلهي الكبرى؟
حيث بَيَّنَ سماحة السيد أن السبب الأول في ذلك هو مواجهة الإمام الحسين ( ع) كلَّ أشكالِ الفسادِ التي واجهها الأنبياء، بل واجه ما يزيد عليهم من أشكال الفساد، فقد واجه عليه السلام فسادًا سياسيًا، أخلاقيًا، تشريعيًا، قضائيًا، وماليًا، أمَّا السبب الثاني فهو عدمُ وجودِ مجالٍ لسرقة حركة الإمام الحسين (ع)، فالدولة التي أسَّسَها الرسول (ص) على سبيل المثال سُرِقَت من قِبَلِ بني أُمَيَّة، بينما الإمام الحسين (ع) لم يُؤسِّس دولةً حتى تُسرَق.
اختَتَمَ سماحة السيد المَجلِس بتوضيح حديث الإمام الحسين (ع) الذي صدَّر بهِ المحاضرة، فقد كان حديثه عليه السلام بمثابة التشخيصِ للفساد المستشري على مستوى الحاكم، الحكومة، والأمَّة، وبيان لسبب الثورة الحسينية، وهو الإصلاح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.