الليلة السادسة محرم ١٤٤٥ هجرية | عنوان المحاضرة | الخلود موقف

الليلة السادسة  محرم ١٤٤٥ هجرية | عنوان المحاضرة | الخلود موقف

محاضرة الليلة السادسة
(( الخلود موقف ))

افتتح سماحة السيّد محيي الدين المشعل محاضرته في الليلة السادسة بالآيات (83-85) من سورة الشعراء:
{رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (٨٣) وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ (٨٤) وَاجْعَلْنِي مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ (٨٥)}
الشعراء [83-85]

ودار حديثه حول محاور ثلاثة:
■ إطلالة تحليليّة حول مفهوم الخلود عند الفلاسفة.
■ إطلالة تحليليّة حول مفهوم الخلود في القرآن والأديان السماويّة.
■ شواهد ومواقف خالدة.

■ المحور الأوَّل: مفهوم الخلود عند الفلاسفة
تحدَّث سماحة السيّد عن مفهوم الخلود في منظور الفلاسفة قائلًا:
• يُرجِعُ الفلاسفة كلّ حركات الإنسان إلى “طلب اللذة” و”الابتعاد عن الألم”، أو بتعبير المتكلّمين: “جلب المنفعة ودفع الضرر”
• وقد تكون هذه اللّذة مادّيةً بدنيةً، أو عقليّةً، أو روحيَّةً. وقد تكون في دائرة الحلال أو في دائرة الحرام.
• وقد قسَّم الفلاسفة الخلودَ إلى عدّة أنواع:
-الخلود البيولوجيّ: وهو يعني بقاء نسل الإنسان بتكاثره. ولكنّ وهذا لا يمثل خلودًا شخصيًّا، ولا يختصّ بالإنسان.
-‏الخلود الاجتماعيّ: وهو خلودٌ شخصيٌّ لأفراد بقى ذكرهم عبر الزمن.
-‏الخلود الأخلاقيّ: وهو بقاء ذكر أشخاصٍ خلّدتهم أخلاقهم التي اتّسموا بها.

■ المحور الثاني: مفهوم الخلود في القرآن والأديان السماويّة:
في حين تحدّث سماحته في المحور الثاني عن مفهوم الخلود من منظورٍ قرآنيّ، مشيرًا إلى أنّ القرآن الكريم والآية التي صدّر بها البحث التي هي دعاء للنبيّ إبراهيم (ع) قد أشارت إلى نحوين من الخلود:

  1. خلود في الدنيا (هَبْ لِي حُكْمًا) وهي لذّة القرب الإلهيّ والمقام في الدنيا.
  2. خلود في العالم الآخر. (وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ)، وهي لذّة أخرويّة. والجدير أنَّ فيها إشارة إلى أنّ هناك صالحون سابقون ومتقدِّمون على إبراهيم (ع)، وهم في الروايات النبيّ (ص) وأهل بيته. لذا إنَّه (ع) يطلب اللحاق بهم.

وأردف سماحته بأنّ الآية التالية (وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ)، في تفسيرها رأيان:
• الأوَّل: أنَّ النبيَّ إبراهيم يطلب من الله أنّ يبقى امتداد دينه وأن يتواصل تبليغ دينه من بعده. وهذا نحو من خلود.
• الثاني: أنَّه يطلب بقاء ذكره في الآخرين، وهو متحقّق؛ إذ كلّ الأديان السماوية تنتسب إليه (ع).

وهنا إشارة: الملاحظ أنَّ الدين يحثّ المسلم على تخليد ذكره من بعده، كما في مضمون الحديث (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: علمٌ يُنتفع به، أو صدقةٌ تجري له، أو ولدٌ صالحٌ يدعو له).

■ المحور الثالث: شواهد ومواقف خالدة
وختم سماحة السيّد بحثه بالمحور الثالث مستعرضًا فيه شواهد على مواقف خالدة من التاريخ:
• السحرة: حصلت لهم كما يقول العرفاء (جذبة) قلبت حالتهم تمامًا من الكفر إلى الإيمان؛ حيث إنّهم في لحظة وموقف واحد دخلوا الخلود.

• امرأة فرعون: شهيدة جعلها الله قدوة للأجيال (وضرب الله مثلًا للذين آمنوا امرأة فرعون).
• طوعة: خلد ذكرها بموقفٍ واحد وهو إيواؤها مسلم بن عقيل.
• الحر الرياحي: خلد في لحظة لا تتعدى الثواني، حين خيَّر نفسه بين الجنة والنار، فاختار الجنّة.
• دلهم زوجة زهير بن القين: حين دفعت زوجها لنصرة الحسين (ع).
• أنصار الحسين: حيث أذن لهم الإمام (ع) بالرحيل في سواد الليل لكنّهم سطّروا ملحمةً برفضهم أن يتركوا الحسين وحيدًا.
فهذا جون مولى أبي ذرّ الذي أصرّ أن يختلط دمه بدماء أهل البيت، وهذا سعيد الحنفي الذي فدا الإمام ووقف له درعًا في وجه السهام وهو يصلّي، وهذا وهب النصرانيّ الذي ترك زوجته التي تزوّجها حديثًا ونصر الإمام، وهذا نافع البجليّ، وكذا جميع الأنصار الذين مثّل كلّ واحدٍ منهم ملحمةً في الخلود.

Comments

No comments yet. Why don’t you start the discussion?

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *