ليلة الحادي عشر
آية البحث: ﴿قُلۡ یَـٰعِبَادِ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱتَّقُوا۟ رَبَّكُمۡۚ لِلَّذِینَ أَحۡسَنُوا۟ فِی هَـٰذِهِ ٱلدُّنۡیَا حَسَنَةࣱۗ وَأَرۡضُ ٱللَّهِ وَ ٰسِعَةٌۗ إِنَّمَا یُوَفَّى ٱلصَّـٰبِرُونَ أَجۡرَهُم بِغَیۡرِ حِسَابࣲ﴾ [الزمر ١٠]
– عبارة (وَأَرۡضُ ٱللَّهِ وَ ٰسِعَةٌۗ)، تُشعر بهجرة الإنسان عن الأهل والأوطان والصبر عليها، وهذا قريب غير مستبعد.
– (یُوَفَّى ٱلصَّـٰبِرُونَ أَجۡرَهُم بِغَیۡرِ حِسَابࣲ) عبارة عام مطلقة غير مخصص بالذين هاجروا، فكل صابر يُوّفى أجره بغير حساب، فعاقبة الصبر خير.
– (إنما) تناسب التعليل، ومن خصوصيات التعليل أن يكون عامًا غير مُختصًّا بالمورد، فالعلة تعمم.
– (الجو العام للآية): تعد الصابرون عمومًا.
معنى الصبر:
– هو حبس النفس عن إظهار الجزع، وما يخالق الاتزان وآداب العقلاء.
أقسام الصبر:
* تقسيم الصبر بحسب غرض الصابر (لماذا يصبر).
* تقسيم الصبر بحسب المصبور عليه (على ماذا يصبر).
أولًا: أقسام ودرجات الصبر (الصبر بحسب غرض الصابر) أو (لماذا يُصبر)
1. صبر العوام: (صبر العقلاء)
– خصلة الصبر من الصفات التي يستحسن العقلاء اتصاف الإنسان بها.
– هؤلاء يصبرون لأن الصبر صفة حسنة عند العقلاء.
– أمثلة توضيحيّة:
* حُسن العدل مطلقًا.
* قُبح الظُّلم مطلقًا.
* حُسن الصدق بحسب المقتضي وعدم وجود مانع كأن يُؤدّي الصدق إلى سفك الدم
* قُبح الكذب بحسب المقتضي وعدم وجود مانع كأن يُؤدّي الكذب إلى إصلاح ذات البيت
لماذا يصبر الصابرون في هذه الدرجة؟
– لأن الإنسان ليس بيده تغيير شيء (الموت أو المرض) في هذا العالم.
– إذا كان جزع الإنسان لا يُغيّر شيئًا، فالصبر أولى.
– لأن العقلاء يستنفرون من الجزع.
شواهد من كلام أمير المؤمنين ع:
* الْجَزَعُ عِنْدَ المُصِيْبَةِ تَمَامُ الْمِحْنَة.
* الجَزَعُ أتعبُ من الصبرِ.
2. صبر الخاصة: (صبر الزّهاد)
يصبر لأن في الصبر ثواب الله، فصبرهم رجاء ثواب الله.
3. الصبر العارفين:
يصبرون على البلاء ويُحبّونه لأنه من الله، فصبرهم حبًّا له وولهًا؛ لأنّه من محبوبهم الذي عرفوه فأحبّوه.
– الآية مطلقة لم تخصص أي درجة من درجات الصبر، فكل صابر في أي درجة من درجات الصبر يُوَفَّى أجرَهُ بغيرِ حساب.
– الدنيا مبنية على النقص لا يُنال منها شيء، وإن نيل منها شيء يُنال الشيء المجزوء والمنقوص.
– العيش في الدنيا يلازم عيشها الصبر.
شاهد من كلام أمير المؤمنين ع:
“أَلاَ وَإنَّ الدُّنْيَا قَدْ وَلَّتْ حَذَّاءَ (أي مُسرعة في إدبار فلا يُنال منها شيء، وقيل جذّاء أي مقطوع خيرها ودرَّها)، فَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلاَّ صُبَابَةٌ (البقيّة في الإناء) كَصُبَابَةِ الْإِنَاءِ اصْطَبَّهَا صَابُّهَا (أبقاها مبقيها، أوتركها تاركها)”
– كل الدنيا بقايا وفضلات من الآباء إلى الأبناء ثم تكون فضلاتهم إلى أبنائهم وهكذا.
من كلام الإمام الحسين ع في وصف الدنيا: (وَخَسِيسُ عَيْشٍ كَالمَرعَى الوَبِيلِ)
ثانيًا: أقسام الصبر بحسب المصبور عليه أو (على ماذا يُصبر):
من كلام أمير المؤمنين ع:
“اضْرِبْ بِطَرْفِكَ حَيْثُ شِئْتَ مِنَ النَّاسِ، فَهَلْ تُبْصِرُ إِلاَّ فَقِيراً يُكَابِدُ فَقْراً، أَوْ غَنِيّاً بَدَّلَ نِعْمَةَ اللهِ كُفْراً، أَوْ بَخِيلاً اتَّخَذَ الْبُخْلَ بِحَقِّ اللهِ وَفْراً، أَوْ مُتَمَرِّداً كَأَنَّ بِأُذُنِهِ عَنْ سَمْعِ الْموَاعِظِ وَقْراً”
1. الصبر على البلاء والمحنة: (فَقِيراً يُكَابِدُ فَقْراً).
2. الصبر على النعمة: (غَنِيّاً بَدَّلَ نِعْمَةَ اللهِ كُفْراً).
3. الصبر على شُحّ النفس: (بَخِيلاً اتَّخَذَ الْبُخْلَ بِحَقِّ اللهِ وَفْراً).
4. الصبر على الطاعة: (مُتَمَرِّداً كَأَنَّ بِأُذُنِهِ عَنْ سَمْعِ الْموَاعِظِ وَقْراً) يهرب من سماع الموعظة والنصيحة.
النتيجة : أن الله وعد الصابرين بدرجاتهم المختلفة على أي صبر كان أنّهم يُوفَّون أجرهم بغير حساب.
* عن الإمام زين العابدين: إذا كان يوم القيامة نادى مناد : أين الصابرون ؟ فيقوم عنق من الناس، فيقال لهم : اذهبوا إلى الجنة بغير حساب، قال : فتلقاهم الملائكة إلى أين يا بني آدم فيقولون: نحن الصابرون.
* عن رسول الله: “إذا نُشرت الصحف والدواوين لم يُنشر للصابرين ديوان، ولم يوضع لهم ميزان”
– عندما نقيس كل ذلك نعرف كيف صبر الحسين ولِمَ صبر، إذ كان مكثورًا وحيدًا ومع ذلك كان الصابر المحتسب وكذلك كانت أخته زينب ع.
لمتابعة التغطية المصورة 👇🏻
https://www.facebook.com/media/set/?set=a.5723641841027910&type=3
🔺 المركز الإعلامي | مأتم الجمعية الحسينية 🔺