ليلة التاسع
– خلاصة ما تقدّم في الليلتين السابقتين:
– أن الصالح هو اللائق برحمة الله أو اللياقة بنعمة الله (الدنيوية والأخروية)
– نعمة الله الدنيوية للصالحين بأنهم يتحلّون بأربع خصائص ولهم أربع مواهب.
– ختام البحث اليوم بالحديث عن “نعمة الله الأخروية للصالحين”
آية البحث: “وَمَن یُطِعِ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ مَعَ ٱلَّذِینَ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَیۡهِم مِّنَ ٱلنَّبِیِّـۧنَ وَٱلصِّدِّیقِینَ وَٱلشُّهَدَاۤءِ وَٱلصَّـٰلِحِینَۚ وَحَسُنَ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ رَفِیقࣰا”
– الآية واضحة في عدم جعل المطيع لله والرسول من الذي أنعم الله عليهم من الأصناف الأربعة (الأنبياء/ الصدّيقين/ الشهداء على الأعمال/ الصالحين).
– الآية جعلت المطيع لله والرسول رفيقًا للأصناف الأربعة لا منهم.
– المقصود بطاعة الرسول: طاعته كحاكم في الدولة الإسلامية، ودلّ على ذلك الآيات السابقة واللاحقة للآية التي تحدّثت عن حكومة النبي ص سعةً وضيقًا، فهو مأذون لا يحق لأحد السؤال عن أي حكم يصدره أمنه أم من الله “إِلَّا لِیُطَاعَ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ”.
– لأن الله يريد الناس أن يطيعوا النبي ص طاعة مطلقة جعل هذا الثواب العظيم على طاعته وهو رفقة الأصناف الأربعة، ولا خصوصية لطاعة النبي ص بما هو حاكم، بل المدار على طاعة النبي ص مطلقًا في أحكام الدولة كالجهاد والإفطار وأحكام العبادات كالصلاة والصيام.
– الآية قسّمت أربعة أصناف، ومقتضى التقسيم أن كل صنف له خصوصية، فالتقسيم قاطع للشركة، فمعنى النبي مختلف عن معنى الصديق عن الشهيد عن الصالح.
– قد تتقابل وتختلف هذه الأصناف الأربعة من حيث المعنى لكنّها تتصادق على شخص واحد في الخارج (فهو نبي وصديق وشهيد وصالح)
– قلنا أن الصالح هو اللائق بنعمة الله، فلابد أن تكون النعمة التي حصل عليها الصالح فميّزته عن الني والصديق والشهيد خاصة به حتى يكون صالحًا. (لابد أن توجد خصوصية في الصالح تميّزه عن الأصناف الأربعة)
سؤال: ما هي النعمة والخصوصية التي أعطي إيّها هؤلاء الصالحون فميّزتهم عن الأصناف الأخرى!؟
الجواب: القرآن واضح في أنّ النعمة التي ميّزت الصلحين هي الرحمة (الرحمة الأخروية).
﴿وَإِسۡمَـٰعِیلَ وَإِدۡرِیسَ وَذَا ٱلۡكِفۡلِۖ كُلࣱّ مِّنَ ٱلصَّـٰبِرِینَ ٨٥ وَأَدۡخَلۡنَـٰهُمۡ فِی رَحۡمَتِنَاۤۖ إِنَّهُم مِّنَ ٱلصَّـٰلِحِینَ ٨٦﴾
– لابد أن نلتفت إلى أن الرحمة التي ميّزت الصالحين رحمة خاص لا يشتركون فيها مع بقية الأصناف؛ لأن اشتراكهم فيها يخالف التقسيم.
– هنا لابد أن نبحث أنواع ومعاني الرحمات الإلهية:
1. الرحمة العامة:
– إعطاء المخلوق ما به وجوده (عاقلًا كان ذا شعور أم لا)، فيُعطى لو كان المخلوق عاقلًا ذا شعور ما به يقوم ويعيش فلا يُعاجله بالعقوبة إلا أن يسخط عليه.
– هذه الرحمة يحصل عليها كل المخلوقات الموجودة حتى الكافر والحجر والشجر. “وَرَحۡمَتِی وَسِعَتۡ كُلَّ شَیۡءࣲۚ”رحمته مع معصية المخلوقات الشاعرة العاقلة له.
– “وَلَوۡ یُؤَاخِذُ ٱللَّهُ ٱلنَّاسَ بِمَا كَسَبُوا۟ مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهۡرِهَا مِن دَاۤبَّةࣲ”
– هذه الرحمة رحمة وجود وحياة وبقاء في مقابل الموت والفناء.
– هذه الرحمة لا خصوصية للصالحين أو للأصناف الأخرى بل لأحد فيها بل هي تشمل كل شيء، وراجعة إلى أن الله مصدر الفيض والرحمة.
2. الرحمة الخاصة:
– العطية الهنيئة التي يجود الله بها على العبد المؤمن لعمله وتقواه، فلا يعاقبه (تتبع العمل) لأن من يسخط الله عليه يعذّبه.
– هذه الرحمة رحمة هناء في مقابل العقاب.
– “وَٱكۡتُبۡ لَنَا فِی هَـٰذِهِ ٱلدُّنۡیَا حَسَنَةࣰ وَفِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ إِنَّا هُدۡنَاۤ إِلَیۡكَۚ قَالَ عَذَابِیۤ أُصِیبُ بِهِۦ مَنۡ أَشَاۤءُۖ وَرَحۡمَتِی وَسِعَتۡ كُلَّ شَیۡءࣲۚ فَسَأَكۡتُبُهَا لِلَّذِینَ یَتَّقُونَ وَیُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَٱلَّذِینَ هُم بِـَٔایَـٰتِنَا یُؤۡمِنُونَ”
– ليست الرحمة المقصودة لأنها تابعة للعمل، ولا خصوصية للصالحين بالعمل بل ولا للأصناف الأخرى.
3. الولاية الإلهية:
– تصيير الله العبدَ إلى جانبه، فيُعطيه خصائص أربع (ربّاه/ أخلصه لنفسه/ سقاه من عين الزلفى/ أحياه حياة طيبة)
– ليست الرحمة المقصودة؛ لأن جميع الأصناف الأربعة مشمولة بها (الأنبياء الشهداء الصديقين الصالحين).
إذن ما هذه الرحمة!؟
4. الرحمة الخاصة الخاصة:
– الدليل يكشفه لنا النبي إبراهيم ع فهو صالح في الدنيا والآخرة كما مرّ أمس ومع ذلك طلب الإلحاق بالصالحين “رَبِّ هَبۡ لِی حُكۡمࣰا وَأَلۡحِقۡنِی بِٱلصَّـٰلِحِینَ”.
– طلب النبي إبراهيم ع اللحاق بالصالحين يعني أنّ هناك جماعة صالحة تقدّمته رتبةً في اللياقة والإفاضة الإلهية.
– وهذه الرتبة التي طلبها إبراهيم ع ليست راجعة إلى العمل، وإنما راجعة إلى الموهبة الخاصة بالله، إذ قال (ألحقني) لا بعملي، (وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين).
– كما أن النبوّة والصدّيقية والشهادة على الأعمال (الفيصل على الأعمال في القيامة) موهبة إلهية خاصة بالله، لا تكون بعمل الإنسان واستحقاقه كذلك الصلاح الأخروي.
– هنا نفهم قوله تعالى: “لَهُم مَّا یَشَاۤءُونَ فِیهَا وَلَدَیۡنَا مَزِیدࣱ” فليس لأحد أن يعترض على؛ لأنه صاحب النعمة ولا يعطيها مقابل عمل بل هبة منه وزيادة لمن أحبّهم.
سؤال: هل يحق لنا أن نسأل الله الإلحاق بالصالحين!؟
– سبب نزول الآية يجيب: كان رجل يحب النبي ص حبًّا شديدًا، ولا يطيق فراقه في الدنيا، ويزاد حزنه عند ذكر فراقه في الآخرة، فأكون في الجنة وأنت في مرتبة أعلى فلا أراك، فنزل قوله تعالى: “وَمَن یُطِعِ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ مَعَ ٱلَّذِینَ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَیۡهِم مِّنَ ٱلنَّبِیِّـۧنَ وَٱلصِّدِّیقِینَ وَٱلشُّهَدَاۤءِ وَٱلصَّـٰلِحِینَۚ وَحَسُنَ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ رَفِیقࣰا”.
– لأن النبي نسب إلى نفسه الصلاح ولم ويطلب اللحاق بالصالحين “إِنَّ وَلِـِّۧیَ ٱللَّهُ ٱلَّذِی نَزَّلَ ٱلۡكِتَـٰبَۖ وَهُوَ یَتَوَلَّى ٱلصَّـٰلِحِینَ”.
– ويجعلهم من أهل الرحمة في الدنيا، لأن رحمة الله تجلت فيهم، كيف أنّ الحسين ع الذي عنده الولاية التكوينية لم يخسف بالقوم عندما رفع الطفل الصغير فذبحوه.
لمتابعة التغطية المصورة 👇🏻
https://www.facebook.com/media/set/?set=a.5723523661039728&type=3
🔺 المركز الإعلامي | مأتم الجمعية الحسينية 🔺
https://www.instagram.com/p/Cg-IiNjrBLJ/?igshid=YmMyMTA2M2Y=