ما هي رسالة الموكب الحسينيّ؟
🔹هادي محمد علي
إن نهضة عاشوراء كانت تحمل رسالة الإسلام المحمّديّ الذي أراد سيّد الشهداء إمامنا الحسين (ع) إحياءه وإصلاحه وإعادته للسكّة الصحيحة على الصراط المستقيم، فذكرى عاشوراء وشعائرها تحمل فيما تحمل تلك الرسالة الحسينيّة السامية المقدّسة.
وما الموكب الحسينيّ إلّا امتداد صدًى لمرام الحسين: «إنّما خرجت لطلب الإصلاح»، وارتداد جلجلةٍ لتلك الواعية:«ألا من ناصرٍ ينصرنا؟». فالموكب الحسينيّ هو مزيجٌ من المبادئ والغايات والأهداف التي تقوم على ركنين أساسيّين، هما: العاطفة، والحركة.
ما يبعث على الركن الأوّل -أعني العاطفة- الامتثال للفرض الشرعيّ القرآنيّ بإعلان الحب والمودة لآل الرسول (ص)، ولا يتأتّى ذلك إلّا بالحسّ الشعوريّ الصادق بالفرح لفرحهم والحزن لحزنهم، وأيُّ حزنٍ وأسى أعظم من الحزن على مصائب الحسين وآله وأصحابه؟، التي لم يُرَ أفظع ولا أبشع منها في تاريخ البشريّة، وهو -أي الموكب- في الوقت ذاته نوعٌ من أنواع المواساة والتعزية لصاحب العصر والزمان الإمام المهدي المنتظر (ع).
وأما الركن الثاني -أعني الحركة- فمرجعُه إلى الغاية التي ثار الإمام الحسين (ع) وأرخص نفسه وماله وعياله من أجلها، وهي الإصلاح في الأمّة وإقامة الاعوجاج والانحراف، وقيادة الأمّة نحو الاستقامة على الرسالة المحمديّة التي أرادها الله. فمن الطبيعيّ بداهةً أن تكون الشعائر الحسينيّة بمثابة استمرارٍ وتصديرٍ وانبعاثٍ لتلك الثورة والنهضة والحركة الحسينيّة ذات المبادئ السامية المقدّسة.
إذن فالشعائر الحسينيّة والموكب على وجه الخصوص يحمل في لُبّه هذين الركنين المتلازمين، اللذين حين يجتمعان في أيِّ شعيرةٍ يوجبان لها قداسةً وسموًّا وصبغةً إلهيّةً ناصعة، لا تحتمل التشويه.
من هذا المنطلق، يجب علينا ونحن في أجواء عاشوراء وفي أجواء إحياء هذه المواكب الحسينيّة، أن نلتزم في إحيائها بأعلى مراتب الإحياء الواعي المطلوب، شكلًا ومضمونًا، بما لا يخدش قداسة هذه الشعيرة، وذلك بالطرح الواعي والهادف في القصائد الرثائيّة، والحضور المكثّف الواسع من جميع الشرائح والفئات، والامتناع عن كلّ ما يمسّ هيبة الموكب باجتناب التفرُّج على الموكب من الخارج، وترك الأحاديث الجانبيّة التي قد تشوّش الحضور الذهنيّ والشعوريّ لدى المُعزِّين، وكذا كلّ ما من شأنه أن يشوِّه هذا الإحياء شكلًا أو يفرغه من أهدافه مضمونًا.