صناعة النموذج الحق
” بَلْ نَقْذِفُ بِٱلْحَقِّ عَلَى ٱلْبَٰطِلِ فَيَدْمَغُهُۥ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ۚ وَلَكُمُ ٱلْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ ” (الأنبياء ١٨)
المقدمة: نحاول تقديم قراءة لكربلاء من منطلق العلوم الإنسانية بالتركيز على علم الاجتماع و علم النفس لأنهما بالإضافة إلى علم التربية يركزان على الطبيعة الإنسانية على مستوى الفرد و المجتمع عن طريق متابعة القوانين التي ترتقي بالفرد أو بالمجتمع أو تسقط به، وحركة الحسين حركة إنسانية، وهذه القراءة تحاول عولمة قضية الحسين التي أرادت الارتقاء بالإنسان وتحريره و إيصاله إلى العزة والكرامة والكمال.
هذه القراءة ستسقط على المعسكرين
١- المعسكر الإلهي المتمثل في الحسين (ع).
٢- المعسكر الشيطاني المتمثل في يزيد وأتباعه.
وفيها دعوة لأصحاب التخصص لدراسة حركة كربلاء، فقد تميزت حركة الحسين (ع) بشيء مهم، هو مقتل كل أفرادها، ولكنها رغم ذلك بقيت خالدة، وهذا يحتاج إلى تفسير اجتماعي. (علم الاجتماع الحسيني)
لقد ارتكب المجتمع آنذاك جريمة الخذلان، إذ لم يكن الخلل في القيادة، بل كان في الجماهير.
وكل الثورات التي انتصرت فيما بعد استفادت من هذا الخلل المتمثل في الخذلان، وصححته لتحقيق أهدافها فانتصرت.
وكذلك (علم النفس الحسيني)، فعندما تنظر إلى زينب (ع) المرأة الخمسينية الفاقدة التي تصبر صبرًا يفوق الجبال، فهذا يحتاج إلى تفسير نفسي.
وعندما يجيب القاسم الذي لم يبلغ الحلم عن سؤال الحسين (ع) عن طعم الموت: “أحلى من العسل”، فهذا بالتأكيد يحتاج إلى تفسير، وغير ذلك من الأمثلة.
هذه نماذج سامية تحتاج إلى دراسة و تحليل لكي تكرر.
* المحور الأول: وقفة مع الآية الشريفة.
الآية تشير إلى حقيقة وجودية على مستوى التشريع (الدين) والتكوين (العالم).
هناك حق و باطل، صواب و خطأ في كل شيء
عند الفلاسفة: البقاء للأصلح / الأقوى و القسر لا يدوم
و في كل القضايا الحق يزيل الباطل
هذه الآية في سياق الرد على منكري المعاد، و تبين أن الخلق لم يكن للهو واللعب.
* بل نقذف – والقذف هو الرمي بسرعة ومن بعد، ويكون ذلك أبلغ في الأثر، فالحق يدمغ الباطل.
* فيدمغه – أي يشج رأسه حتى يصل إلى الدماغ فيهلكه.
نعم، قد يسيطر الباطل، و لكن إذا وُجِد الحق يزيله.
* المحور الثاني: شواهد قرآنية أو من الواقع الخارجي المعاصر ونماذج كربلائية.
في القرآن نماذج حق لنتمثلها و نماذج باطل لنتجنبها.
“وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ ۖ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ” (المائدة ٢٧)
خطاب إرهابي متخلف وخطاب حضاري موضوعي
والأمثلة على ذلك كثيرة.
* والمطلوب منا أن نصنع النماذج التي تدعو إلى الحق
الغرب يفرض علينا نماذج، و لذلك علينا صناعة نماذج مؤثرة نحو الكمال و الحق.
نماذج كربلاء تمثل مقياسًا للحق
* لا نستطيع مقارنة أحد بالحسين، و لكن نستطيع أن نصحح الحركات إذا كانت وفق نهج الحسين (ع)
* محاربو الصهيونية على خط الحسين، وكل من يدعم الصهيونية على خط الشيطان.
الخاتمة: نحن بحاجة إلى صناعة النموذج الحق في التعبير عن المأساة دون الحاجة إلى التجاوزات التي لا ترضي أهل البيت (ع).