مُلخَّصُ مُحاضَرةِ ليلةِ الحادي عَشَر من مُحَرَّم (القَبْرُ روضَةٌ مِن رِيَاضِ الجَنَّةِ أو حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النَّارِ)
قال رسول الله ص: “مَنْ مَاتَ فَقَدْ قَامَتْ قِيَامَتُهُ”.
وقال رسول الله ص: “القبرُ إمّا حفرةٌ من حُفَرِ النَّارِ أو روضَةٌ من رياضِ الجنَّةِ”.
أولًا: الأَثَرُ المعنويَّةُ للقَبْرِ
يشير النبي ص إلى عالمٍ من عوالمِ الغيبِ، وهو العالم الذي من أجله خُلِقَ الإنسانُ، والحياة الحقيقيَّة ﴿وَإِنَّ ٱلدَّارَ ٱلۡـَٔاخِرَةَ لَهِیَ ٱلۡحَیَوَانُۚ لَوۡ كَانُوا۟ یَعۡلَمُونَ﴾.
تَعدُلُ الآياتُ التي تتحَدَّثُ عن منازلِ الآخِرَةِ ثُلُثَ القرآنِ (الموت والبرزخ والبعث والقيامةِ والميزان والحساب والثواب والعقاب والجنة والنار والخلود …)؛ وذلك لِيَعِيشَ الإنسانُ ذلك اليوم ويستحضِرَهُ دائمًا.
مِنْ مَقَامَاتِ أولياءِ للهِ ﴿وَٱلَّذِینَ یُصَدِّقُونَ بِیَوۡمِ ٱلدِّینِ﴾ أي أنّهم يَسْتَحضِرون ذلك اليومَ دائمًا في سُلوكِهِم، فيَمْثُلُ أمَامَهُم ذلك اليوم بِثَوابِهِ وعِقَابِه في المواقِفِ التي يَضْعفون فيها.
ويقول أمِيرُ المؤمنين ع: “فَهُمْ وَالْجَنَّةُ كَمَنْ قَدْ رَآهَا فَهُمْ فِيهَا مُنَعَّمُونَ وَهُمْ وَالنَّارُ كَمَنْ قَدْ رَآهَا فَهُمْ فِيهَا مُعَذَّبُونَ … أَمَّا اللَّيْلَ فَصَافُّونَ أَقْدَامَهُمْ تَالِينَ لِأَجْزَاءِ الْقُرْآنِ يُرَتِّلُونَهَا تَرْتِيلًا يُحَزِّنُونَ بِهِ أَنْفُسَهُمْ … فَإِذَا مَرُّوا بِآيَةٍ فِيهَا تَشْوِيقٌ رَكَنُوا إِلَيْهَا طَمَعاً … وَإِذَا مَرُّوا بِآيَةٍ فِيهَا تَخْوِيفٌ أَصْغَوْا إِلَيْهَا مَسَامِعَ قُلُوبِهِمْ وَظَنُّوا أَنَّ زَفِيرَ جَهَنَّمَ وَشَهِيقَهَا فِي أُصُولِ آذَانِهِمْ …”
يوصينا النبي ص بذكر الموت “اُذكُروا هادِمَ اللَّذّاتِ”. فالآخرةُ ليست بعيدةً، فكم سيعمّرُ ابنُ آدمَ فإذا مَاتَ قَامَتْ قِيَامَتُهُ، فإمَّا روضَةٌ مِن رِيَاضِ الجَنَّةِ أو حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النَّارِ.
ثانِيًا: الآثَارُ المَادِيَّة للقَبْر
القبرُ له آثارٌ بما هو قبرٌ مادِّيٌّ يسترُ الإنسانَ ويُخفي عَوراتهِ. لذلك أمر النَّبيُّ ص بتعجيل الدَّفنِ فقال:
- “كرامة المَيِّتِ تَعْجِيْلُهُ”.
- “لا ألفين منكم رجلا مات له ميت ليلا فانتظر به الصبح، ولا رجلا مات له ميت نهارا فانتظر به الليل، لا تنتظروا بموتاكم طلوع الشمس ولا غروبها، عجلوا بهم إلى مضاجعهم يرحمكم الله، فقال الناس: وأنت يا رسول الله يرحمك الله “.
دفنُ المؤمنِ واجِبٌ وجُوبًا كِفَائِيًّا، لكِنّ بني أُمَيَّةَ خالفوا كل الواجباتِ والفرائض والسُّنَنِ، يقولُ الإمامُ زينُ العابِدِين ع: “والله لو انّ النبي تقدم إليهم في قتالنا كما تقدم إليهم في الوصية بنا لما زادوا على ما فعلوا بنا فإنا لله وإنا إليه راجعون”.