جمعيتنا – لجنة العلاقات العامة
أعلن منتدى النويدرات (nuwaidrat.net) عن نتائج المسابقة المعرفية-الفنية الأولى والتي تشمل كتابة المقال والخاطرة والتصميم وذلك برعاية الجمعية الحسينية.
وفازت العضوة “صدى الصمت” بالمركز الأول في مسابقة كتابة المقال ومنحت العضوة “انويدراتية” المركز الأول مكرر في ذات المجال، وفازت وديعة علي بالمركز الأول في مسابقة التصميم فيما حجبت جائزة كتابة الخاطرة لعدم تأهل أي من المساهمات للمركز الأول.
التصميم الفائز:

المقال الفائز:
ملحمة الطف الأزلية
مِن ملحمةِ الإباءِ الصّارخ،، و مِن غياهِبِ سطورِ التّاريخِ المُوحِشَة،، في ذاكِرَةِ الدّهر العابِر.. و فِي مكنُوناتِ أرواحِ المُستقبَلِ المتعاقِب، سَرَت في الأوصالِ نبضاتٌ تُؤجّجُ حرارةَ ثَأرٍ أزَليٍ.. و تُسعّرُ نيرانَ حبٍّ سَرمَدي، إنّها مَلحَمَةُ الدّمِ العَلويّ الطّاهِر.. الصّرخَةٌ التي دوّت مسامِعَ الأحرارِ في أقطارِ الأرضِ قاطِبَة ً، إنَها وهجٌ و نهجٌ خُلّدا في مَدرَسَةِ الإسلام المحمّدي الخالِص، إنّها ” بسم الحُسَين و كَفَى “..
إنّ المُتَأمِّل في صَفحاتِ التّاريخ يَنحَني إجلالاً لِهذِهِ الثّورةِ العَظيمَة و الخَطبِ الجَليل، و لا عَجَب إن طَالَ إجلالُهُ و إكبارُهُ لها، لِما حَوتهُ منَ الفَضلِ على سائِرِ الأنامِ حتّى أمّةِ المصطَفَى الخاتِم (صلّى الله عليهِ و آلِهِ و سَلّم)، حيثُ تكاتَفَت مع الثّورَةِ المُحمّديّةِ المطهّرةِ لِنَسجِ خُلودٍ أزَليٍ، إمتِثالاً لِوعدِ الحقّ تَعالَى بِهَيمَنةِ رِسالَةِ خيرِ الأنامِ “محمّد” (صَلّى الله عَليهِ و آلِهِ و سَلّم) على الدّينِ كُلّه و لّو كّرِهَ المُشرِكون..
لَقَد تعاضَدَت ثورَةُ السّبطِ معَها، و غّدتا ثورَتان مستَوسِقَتَين كَدائِرَتَينِ مُتّحِدتينِ في المَركَز، تَستَقطِبانِ في دَورانِهِما مَنهجاً و شَريعَةً إلهيّةً رَحمانّيةً، قادَ الإمامُ (سلامُ الله عَليه) ثَورَتَهُ حامِلاً لِواءَ التّضحِيَةِ و الفِداء، مُنادِياً الأحرارَ في الأصلابِ أن هُبّوا لِنُصرَةِ الدّينِ الذي ارتضاهُ الجَليلُ تَعالى لَكُم، مُقسِماً بِكُلِّ قَطرَةٍ مِن دِمائِهِ الطّاهِرَةِ لِاستِقامَتِهِ، زاهِداً فِي الأهلِ و الأصحابِ، مُشتاقاً لِلشّهادَةِ و لِقاءِ مَليكِ السّماءِ، فاندَلَعَتِ حَمَلاتُ الطّفّ مُنذُ ضُحَى العاشِر مِن مُحرّمِ الحَرامِ لِإحدَى و سِتينَ للهِجرَة، و استَمرّت حتّى أجَلٍ مُسمّى، فمُخطِئٌ مَن اعتَقَدَ بأنّ الحَربَ وَضعَت أوزارَها، كلّا.. فهاهُوَ قَرعُ طُبولِها يُدَوّي المَسامِع، و هاهُوَ صوتُ اصطِكاكِ الأسِنّةِ و السُّيوفِ يُرهِبُ الأوصالَ، و تِلكَ زَمجَرَةُ الفُرسانِ و العَساكِرِ تُزَلزِلُ كَربَلاءَ الشّهادَة، تِلكَ حَربٌ لن تُنَكّسَ أعلامُها حتّى قِيامِ ثَورَةِ “المُنتَظَرِ المُؤَمّلِ”، أمَا نَحنُ فلقَد جَنّدنا أرواحَنا و بِتنا على أطرافِ المَيدانِ، نَتَأَلَمُ مَصارِعَ الأقمارِ..نَبكيهِم مِن مَحاجِرِ العَينِ دَماً يَحفِرُ أخاديدَ الحُزنِ على الوَجناتِ، نَتَصارَخُ اعتِصاراً على جِراحاتِهِمُ الدّامِيَة.. و نّذوبُ ألَماً لِكُلّ قَطرَةِ دَمٍ تَعَفّرَت على غَوغاءِ كَربلاء، أَنَتَهاتَفُ:” يا لَيتَنا كُنّا مَعَكُم !!” ؟ و كيفَ عَسى ذَلِك ؟ فَنَحنُ هناكَ على حَواشي المَعرَكة بينَ الصّفوف !،،
قَد يخالُ البَعضُ ذلِكَ ضَرباً مِن أحلامِ عاشِقٍ مُسَهّد أو هَلوَساتِ وَلِهٍ تَقاذَفَتهُ مَجاديفُ حُبّهِ في تَلاطُمٍ لأمواجِ الواقِعِ و الهِيام ! فَباتَ يُعربِدُ بأحلامِهِ أمَلاً بِتَحَقُّقِها، و لَكِن.. في الواقِعِ لَقَد صَدَقَت أحلامُه !.. بَلى، إنّ ثورَةَ “الحُسَين” (سلامُ الله عَليهِ) جنّدَتَنا لِهذا الزّمانِ لِنتَسَلّمَ الرّايَةُ الخضراءَ مُواصِلينَ حَملاتِ كتائِبُ الطّفوفِ، فَلَئِن عَجَزَت مَدارِكُ العُقولِ عَن استيعابِ ذلِك، فَقَط تَأمّل رايَةَ الُثّأرِ الحَمراءِ تَلوحُ بِالأسى على قُبّةِ المَظلومِ مُنذُ قُرونَ طاعِنةً في التّاريخِ، ما زالَت و لَم تَزَل تُرَفرِفُ على جِراحٍ صلّت عَليها مَلائِكَةُ السّماء، تَحمِلُ بَينَ طَيّاتِها نِداءً كَسير يَتَرَدّدُ صَداهُ في ذرَاتِ الدّهرِ المُتَفَطّرةِ ” أَلا مِن ناصِر يَنصُرُنا ؟.. “
لَقَد لَبّينا النّداءَ في الأصلابِ و اندَرَجنا في لائِحَةِ مُعَسكَرِ الغَريبِ، نُحامي دونَهُ لا بِالسّيوفِ بَل بِالدّموع، و نَجمَعُ شَملَ الأيتامِ و نَدافِعُ عَنهُنّ لا بِالرّماح بَل بِالنّياح، و نّلوذُ عنِ الخِيامِ لا بالدّرعِ الحَصين بَل بِالزّفرَةِ و الأنين، نَتَقَطّعُ دُونَ الأطهارِ ألَماً و نَتَجَرّعُ مَرارَةَ المَوتِ أَلفَ ألفَ كَرّة.
إنّما ثَورَةُ “الحُسَين” تَوَهّجَت و رَاحَ ثَمَنٌ لَها الدّماءَ و النّحور و هتكَ الخِدورِ لِأجلِ إعلاءِ كَلِمَةِ الحقّ و الدّين.. و تَرسيخِ مَبادِئِ الشّريعَةِ الحَقّة، تَحريراً لِلعَقلِ مِنَ الباطِل.. و إعزازاً لِلأحرار، إنّها انتِصار الدّمِ على السّيف، يتَرَتّبُ على تَلبِيَتِها مَصيرُ و مَجرى وَقائِع المَعرَكَة، حيثُ أنتَ جُنديٌ تحمِلُ لِواء الحُسين.. إن وَقَفتَ أدراجَك مُكتَفِياً بالبُكاءِ و العَويلِ فإنّك كالمُصَوّب سِهامَك إلى نَحرِ الإمامَة، و إِن وَقَفتَ مَكتوفَ اليَدَينِ مُتَألّماً حَزيناً تَتَفرّجُ مَصارِعَ القَداسَة فما أنتَ إلّا كَصفوفٍ اجتَمَعَت على الحائِر الوَحيدِ مَستَلّا سيوفَكَ في وَجهِه، و ها هُو التّاريخُ شاهِداً أنّ حتّى أعداءه بَكوا عَليهِ انتِحاباً !
البِدار البِدار لِنِصرَةِ ابن بِنتِ نَبِيّكِم، واقِعَةُ الطّفّ لم تَهدَأ أبَداً، إنّما نحنُ مَذخورونَ لها في زَمانِنا هذا، و هذا دَأبُ الموالينَ في كُلّ الدّهورِ جِيلاً بَعدَ آخَر، حتّى تُبَدّل رايَةُ الدّمِ الثّائِرِ الحَمراء إلى رايَةٍ عَلَويّةٍ خَضراء، حينَ يَشتَفي الثّأرُ و يُؤخَذُ بحقّ الإمامَةِ المَسفوكِ حٌرمَتِه، حينَها سَيُسَجّلُ التّاريخُ أخيراً بأنّ واقِعةُ كربلاء وَضَعَت أوزارَها و انطَفأَ لِهيبُها و سَكَنَت زَمجَراتُ فُرسانِها، و تَوّجَت “الحُسَينَ” مُنتَصِراٌ بِدِمائِه، و أضحَى شِيعَتُهُ ظافِرينَ بِغنائِمِ نَهجِهِ و مِنهاجِه.. مُتَحَفّطينَ على حرارَةِ التِياعِ وَجدِهِم في أفئِدَتِهِم إلى يَومِ القِيامة.
فحريٌ بِنا أن نُمَهّدَ لِذلِكَ النّصرِ المُرتَقَب على يَدِ “القائِمِ المُؤَمّلِ و العَدلِ المُنتَظَر.. الذي يَملَأُ الأرضَ قِسطاً و عَدلاً بَعدَ أن مُلِأت ظُلماٌ و جوراُ “, لِنُبادِرَ ثَورَتُهُ بالتّلبيَة , و نُعاضِدَهُ بِبَذلِ المُهَجِ و التّضخيَةَ، امتِثالاً لِمَدرَسَةِ “الحُسَينِ العَظيمَة، التي أرسَت بُنيانَها في الأرواحِ.. و تَرَبّعّت على عَرشِ القُلوب،، ” فَهِيَ بِسمِ “الحُسَينِ” وَ كَفَى..! “..
تَمّت في التّاسِع عَشَر من صفّرِ لإحدى وثلاثينَ بَعدَ أربعمائةٍ و ألف للِهجرَةِ النّبَويّةِ المُطَهّرة..
كَتَبَها التياعِ وجدٍ حَزين..عاشِق.. مُشتاق..