الليلة الخامسة
( الإرهاب الفكري )
بدأ سماحة السيد محاضرته بقوله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ ۖ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27) لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ۖ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28) }
كان حديث سماحة السيد يدور حول مِحورَين.
المحور الأول عُرِّفَ فيه مُصطلحُ الإرهاب بأنه حالة من العُنف يمارسها طَرَفٌ ضِدَّ طَرَفٍ آخر، إمَّا لمصادرة فِكرِهِ أو لمصادرة حرّيّتِهِ في التعبير والسلوك، وهذا العنف قد يصل لمستويات متفاوتة تصل إلى مستوى التصفية الجسدية، وبَيَّنَ سماحة السيد أنَّ تقسيم الإرهاب يكون من المَنظورَين الآتييَن:
-أقسام الإرهاب مِن ناحية مَن وقع عليهم:
١- إرهابُ فِكريّ، وهو الذي يدفع أصحاب الأفكار والآراء إلى عدمِ التصريح بها تجنبًا لمواجهة من يمارس الإرهاب.
٢- إرهابٌ نَفسيّ، وهو الذي يسبب نوعًا من الإرباك النفسي، كالتهديد والوعيد.
٣- إرهابٌ لَفظيّ، وهو الذي تُستَعمَلُ فيه الألفاظ المُوجِعة، كالشَّتمِ ولعن مَن لا يستحق.
٤- إرهابٌ جسديّ، وهو الذي يُتَعَرَّضُ فيه إلى جسد الآخر، وهو على مراتب ومستويات.
-أقسام الإرهاب من ناحية من يمارسه:
١- إرهابٌ فَردِيّ، كالأب المُتَعصِب لرأيه داخل الأسرة.
٢- إرهابٌ جَماعِيّ، وهو الذي يكون على شكل أحزاب ومُنظَّمات.
المحور الثاني وُضِّحَ فيه مُنطَلَقُ الإرهاب، وهو اللا دين، حيث إنّ الأمثلة تشير إلى أن من يمارس الإرهاب غير ملتزم دينيًا، وقصة الآيات التي افتُتِحَتْ المحاضرة بها تُبَيّنُ أن قابيل قد مارس الإرهاب، ومع التركيز في قوله تعالى: { إِنَّمَا یَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلۡمُتَّقِینَ } يتَّضِحُ لنا أنَّ مُنطَلَق الإرهاب عند قابيل هو نَقَصٌ في الدين ( التقوى )، ودراسة حالات الإرهاب التي مارسها الأقوام تجاه الأنبياء لِمَعرِفة مُنطَلَقِ الإرهابِ عِندَهم توصِلُنا إلى المُنطَلَقِ نَفسِه عِندَ قابيل.
